هذه المدوّنة ترجمة بتصرّف لمقال من موقع سايكولوجي توداي.
تُنتج العديد من الوسائل الإعلامية مثل سي إن إن ورويترز وغيرها، مواد فحص الحقائق لأنواع مختلفة من الادّعاءات التي يتفاعل معها الرأي العام. ولكن، وفقًا لمقال صدر عن وكالة أول سايدز في فبراير/شباط 2022، فإنّ "مواد فحص الحقائق تنطوي على الانحياز بقدر ما تنطوي عليه المقالات الإخبارية العاديّة".
غالبًا ما تُعرض الحقائق كجزء من من ادّعاء معقّد يحاول المُجادل إثباته، وللادّعاءات عناصر عديدة. واحدة من الطرائق الفعالة في تشريح عناصر الادّعاء هي طريقة ستيفن تولمين، والتي تُميّز بشكل واضح بين ثلاث مفاهيم، الأسس (الحقائق) التي بُني عليها الادّعاء. والتحليل الذي قاد المُجادل من الحقائق إلى التصديق بالادّعاء. وأخيرًا الطعن بالأسباب التي أدّت إلى التصديق بالادّعاء.
بناءً على ذلك، فإنّ القضية التي تبرز هنا هي ما إنْ كان فاحصو الحقائق جدير بهم أن يفحصو الأسس التي بني عليها الادّعاء أم التحليل الذي أدّى إلى التصديق به.
راجعت دراسة أُجريت عام 2021، مقالات فحص حقائق أنجزتها وكالة بوليتيفاكت، وتوصّلت إلى التالي:
- 33% من المواد التي تمّت مراجعتها أصدرت حكمًا واحدًا على ادّعاء معقّد (متعدد الجوانب)، مما بالغ في تبسيط عدم صحة الحقائق الكامنة وراءه.
- أكثر من 10% من مواد التحقق كانت لادّعاءات لا يمكن فحصها مثل التوقّعات المستقبلية أو الادّعاءات الغامضة.
في حال اقتصرت مواد فحص الحقائق على تقييم الأسباب التي أدّت إلى تصديق الادعاء، فيجب أن يتجنّب المقال الانحياز قدر الإمكان. وعلى الرّغم من أن مصطلح فحص الحقائق يشير إلى عملية استنتاجية لإثبات حقيقة بيان أو تصريح ما أو تأكيد زيفه، إلّأ أن كثيرًا من فاحصي الحقائق يحصرون أنفسهم بفحص الأسباب فقط لا الحقائق.
في هذا السياق، يقدّم مقال أول سايدز مثالًا جيدًا لمدقّق حقائق فشل في التركيز على أسس الادّعاء ونُشرت مقالته في صحيفة ذا واشنطن بوست. تمثّل الادّعاء بتصريح لسيدة الأعمال كارلي فيونا، قالت فيه إنّها صعدت بمشوارها المهنيّ من سكرتيرة إلى رئيسة تنفيذية، ليُصنّف فاحص الحقائق هذا الادّعاء بأنه مضلّل، اعتمادًا على أنّ والد فيونا كان عميدًا لكلية ديوك للقانون، وأنّها درست في جامعة ستانفورد العريقة دون التطرّق إلى حقيقة أنّها عملت كسكرتيرة بالفعل.
وبالتالي فإنّ فاحص الحقائق جادل في كون فيونا إنسانة عصامية وبنت نجاحها بنفسها، وترك حقيقة عملها كسكرتيرة في بداية حياتها المهنية جانبًا.
ليس خفيًّا أنه كلّما ابتعد فاحصو الحقائق عن فحص الحقائق واتّجهوا للأسباب الكامنة وراء الادّعاء، زادت احتمالية تأثرهم بانحيازاتهم.
إنّ الافتقار إلى معايير صارمة تضبط عملية فحص لحقائق، قد يساعد في تفسير ردود الفعل السلبية التي تتلقاها وكالات تقصي الحقائق، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
بالتأكيد، لا ننكر في هذا المقام أنّ انحيازات مستهلكي الأخبار أنفسهم تؤثر أيضًا في كيفية تفاعلهم مع مواد فحص الحقائق، إذ أثبتت الدراسات أنّ بعض الأشخاص لا يميلون إلى تغيير معتقداتهم حتى وإن قّدّمت لهم الحقائق، بل يلجؤون إلى إيجاد تفسير تتوافق مع قناعاتهم المسبقة.
لكننا يعتقد كاتب المقال أنّه من الممكن أن يؤدّي التركيز على فحص الحقائق والأسس التي تُبنى عليها الادّعاءات إلى تحسين العملية بالنسبة لكل من فاحصي الحقائق ومستهلكي الأخبار، خاصةً في ظلّ وجود عدد كبير من فاحصي الحقائق حاليًّا، الذين يركّزون بشكل أساسي على دحض تصريحات الشخصيات العامّة، على حساب الحقائق نفسها.
اقرأ/ي أيضًا
معهد ماساتشوستس يطلق دورة لمحو الأمية الإعلامية في عصر التزييف العميق