قرّرت جامعة "تكساس إي آند إم" الأميركية إغلاق فرعها في قطر وإنهاء شراكة كانت تربطها بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع. وقالت الجامعة في بيان أصدرته بعد تصويت مجلس أوصيائها، إنّ جامعة تكساس إي آند إم في قطر ستُغلق بحلول عام 2028، بسبب "عدم الاستقرار في الشرق الأوسط".
قرار إغلاق جامعة تكساس إي آند إم في قطر سبقته حملة دعائية
انتقدت مؤسسة قطر قرار الجامعة واعتبرت أنّه جاء نتيجة تأثرها بحملة تضليل واسعة. وذكر موقع تكساس تريبيون أنّ القرار جاء إثر حملة انتقاد استهدفت المؤسسات التعليمية القطرية، أطلقها مركز أبحاث في واشنطن يُعرف بمعهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية ISGAP، بعد وقت قصير من بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية هو مركز أبحاث مؤيد لإسرائيل، تأسس في عام 2004 في الولايات المتحدة على يد تشارلز آشر سمول من جامعة تل أبيب. يُعرّف المعهد نفسه كمنظمة غير ربحية لإنتاج ودعم الأبحاث الأكاديمية والندوات والمؤتمرات لدراسة معاداة السامية. وقد راسلت المنظمة مسؤولين أميركيين في الرابع من يناير/كانون الثاني الجاري، وادّعت في رسالتها أنّ الحكومة القطرية دعمت صفقة سرية للسيطرة على أبحاث تطوير الأسلحة النووية في جامعة تكساس إي آند إم في قطر، دون أن ترفق تقريرها بأيّ أدلة تدعم تلك المزاعم. وعنون المعهد التقرير "للنشر الفوري: باحثون يحذرون مسؤولي الأمن القومي الأميركي من صفقة سرية تمنح قطر سيطرة سرية على أبحاث تطوير الأسلحة النووية في جامعة تكساس إي آند إم".
شكوك حول توقيت نشر مزاعم معهد دراسة معاداة السامية
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلق معهد دراسة معاداة السامية حملة دعائية ضد المؤسسات التعليمية في دولة قطر، ونشر تقاريرًا دون أدلة، تتهم قطر بتقديم الدعم المالي للمؤسسات التعليمية الأميركية لأغراض سياسية.
وفي السابع والعشرين نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، نشر المعهد وثيقة مكونة من 17 صفحة بعنوان "اختطاف التعليم العالي في قطر والإخوان المسلمين وتكساس إي آند إم" وزعم التقرير بأن "الجامعات الأميركية تموّل من قبل المؤسسات الأجنبية التي تروج للأيديولوجيات المعادية للسامية أو المرتبطة بالإرهاب".
جامعة تكساس إي آند إم تنفي اتهامات معهد دراسة معاداة السامية
نفى مارك أنتوني ويلش رئيس جامعة تكساس إي آند إم، مزاعم معهد دراسة معاداة السامية، وقال في بيان إنّه "على الرغم مما ذكرته التقارير الأخيرة عبر الإنترنت، فإن جامعة تكساس إي آند إم في قطر لا تقدّم برنامجًا للهندسة النووية أو أيّ فصول دراسية حول هذا الموضوع". وقال ويلش إنّ الأبحاث التي أجريت في قطر لا تشمل أبحاث التكنولوجيا النووية أو الأسلحة أو الأمن القومي، إنّ التلميح بأننا نقوم بطريقة أو بأخرى بتسريب أو تعريض بيانات أبحاث الأمن القومي لأيّ شخص هو أمر كاذب وغير مسؤول، إنّ حرم جامعة إي آند إم في قطر كان له دور فعّال في تطوير التعليم والبحث منذ تأسيسه".
بدوره أفاد المتحدث باسم الجامعة، مايك رايلي، بأنّه لم يكن لحملة المعلومات المضلّلة أي تأثير على القرار الذي اتخذه مجلس الأوصياء بإغلاق الجامعة. وأشار إلى أنّ القرار اتُّخذ "بعد تحليل دقيق لرسالة الجامعة والوضع السياسي المتطور في الشرق الأوسط. وقد بدأت هذه المناقشات حول الإغلاق قبل بث المعلومات الكاذبة عن جامعة تكساس إي آند إم قطر".
وقال جو يورا، وهو أستاذ سابق في جامعة تكساس إي آند إم قطر، إنّ الأسباب التي أعلنت عنها الجامعة كذريعة للإغلاق في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط تبدو "ضعيفة"، نظرًا لأنّ الحرم الجامعي افتتح بعد وقت قصير من أحداث 11 سبتمبر /أيلول 2001 ، واستمرت الجامعة في العمل بالتزامن مع صراعات إقليمية أخرى، بما في ذلك خلال فترة حصار قطر.
فيما قال السفير الأميركي لدى قطر تيمي ديفيس إنّه "يشعر بخيبة أمل إزاء اتخاذ جامعة تكساس إي آند إم خطوات لإغلاق حرمها الجامعي في قطر". وأضاف أنّ موقع الجامعة في الخارج "يمثل القيم الأميركية ويلهم الابتكار للطلاب الذين قد لا يتمكنون من الحصول على التعليم في الولايات المتحدة".
وتأسست جامعة تكساس إي آند إم في قطر عام 2003، كأحد فروع الجامعة الرئيسية في ولاية تكساس الأميركية، وذلك بموجب اتفاقية شراكة بين جامعة تكساس إي آند إم ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع. وتزامن قرار الجامعة بالإغلاق مع استمرار الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة. وبدء إسرائيل حربها على القطاع واجه أكاديميون وطلاب في الولايات المتحدة، ممن عبّروا عن آراء مؤيدة للفلسطينيين، إجراءات تأديبية وحملات ضغط وحتى تهمًا جنائية.
ويُشار إلى أنّ 28 ألفًا و576 شخص فقد حياتهم فيما أصيب 65 ألفًا آخرين جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، بحسب آخر الأرقام التي نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية. وتصر إسرائيل على مواصلة الحرب إذ شرعت في عملية برية في رفح التي كانت الملاذ الأخير لسكان قطاع غزة، والتي نزح إليها أكثر من مليون فلسطيني من مناطق أخرى في القطاع. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أنّ الهجوم على رفح سيخلّف "كارثة لا يمكن تصورها".
اقرأ/ي أيضًا
ما هي أبرز أشكال الدعاية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة؟
معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: إضفاء الشرعية الأكاديمية على الخطاب الإسرائيلي