بعد غرقها قبالة السواحل التونسية، أثارت سفينة إكسيلو جدلًا واسعًا بسبب الغموض الذي أحاط بعملية دخولها إلى المياه الإقليمية التونسية ووجهتها التي حددت السلطات التونسية أنّها ميناء دمياط المصري، لكن صور الأقمار الصناعية لحركة السفن تشير إلى نقيضها تمامًا.
القصة بدأت يوم 16 إبريل/نيسان الجاري، حين أعلنت وزارة البيئة التونسية في بيان لها عن حادثة تعرضت لها سفينة شحن تجارية تُدعى إكسيلو، رافعة راية غينيا الاستوائية، وتحمل رقم IMO 7618272 ومحمّلة بحوالي 750 طنًّا من مادة الغازوال، لصعوبات حالت دون مواصلة مسارها نظرًا لسوء الأحوال الجوية وهيجان البحر. وقال البيان إنّها قادمة من ميناء دمياط المصري باتجاه مالطا.
وأوضح أنّه إثر السماح لها بأن "ترسو على بعد حوالي سبعة كلم من سواحل خليج قابس (جنوبي البلاد)، تسربت مياه البحر إلى داخل غرفة المحركات لتغمرها بارتفاع مترين".
ووفق الوزارة، طلب طاقم السفينة المتكوّن من سبعة أشخاص (القبطان الجورجي وأربعة أتراك وأذربيجانيَّيْن) من السلطات التونسية إجلاءه من على ظهر السفينة التي أصبحت مهددة بالغرق، وتم التدخل وإنقاذ كامل الطاقم يوم 15 إبريل الجاري. كما أشار المصدر ذاته إلى أنّ "الوضع تحت السيطرة".
من جانبها نشرت وزارة النقل التونسية، بيانًا حول تعرض السفينة التجارية الأجنبية إكسيلو إلى حادث خلال رحلتها من ميناء دمياط (مصر) في اتجاه ميناء لافاليت (مالطا). وقال وزير النقل ربيع المجيدي في تصريحات إعلامية إنّ السفينة غرقت في عمق 20 مترًا وطولها 60 مترًا، وأن جزءًا من السفينة فوق سطح الماء ما سيسهل عملية توجيهها.
وفي بيان ثان أوضحت وزارة النقل أنّ السفينة "رست بميناء صفاقس من 4 إلى 8 إبريل الجاري للقيام بتغيير الطاقم والتزود بالمؤونة والقيام ببعض الإصلاحات الخفيفة، دون عمليات تجارية".
اتجاه السفينة من دمياط إلى مالطا؟
من النقاط التي ركزت عليها البيانات الرسمية التونسية هي أنّ السفينة خرجت من ميناء دمياط المصري باتجاه مالطا، لكن بالعودة إلى المواقع المتخصصة في متابعة حركة السفن، وجد "مسبار" أنّ اتجاه السفينة كان مغايرًا.
إذ أظهرت خريطة الرصد أنّ السفينة كانت في مالطا قبل أن تصل إلى ميناء صفاقس التونسية (الوقت الفعلي للوصول ATA) في الرابع من إبريل الجاري، ثم غادرت ميناء صفاقس يوم 8 إبريل الجاري (الوقت الفعلي للذهاب ATD).
وكان يفترض أن تصل السفينة إلى ميناء دمياط المصري، ووفق مسارها إلى دمياط، (الوقت المقدر لوصول السفينة ETA) يوم 29 مارس/آذار الفائت، في حين أنّها خرجت من مالطا يوم 30 مارس الفائت.
لكن منذ خروجها من صفاقس يوم 8 إبريل، لم تظهر السفينة حتى يوم 14 إبريل في سواحل محافظة قابس، وفق نظام التحديد التلقائي للملاحة (AIS).
وتساءل تونسيون عن سبب غياب حركة السفينة خلال الأيام التي قضتها من ميناء صفاقس حتى قابس، والهدف من وراء دخولها إلى المياه الإقليمية التونسية والحال أنّها متجهة إلى مالطا، إذا كانت رواية السلطة التونسية صحيحة.
ميناء دمياط ينفي
من جانبها نشرت هيئة ميناء دمياط في صفحتها على موقع فيسبوك توضيحًا، نفت فيه ما تداولته وسائل إعلام بأنّ سفينة إكسيلو التي غرقت في السواحل التونسية، كانت مغادرة من ميناء دمياط، متوجهة إلى أحد موانئ مالطا.
وأعلنت الهيئة أن "السفينة المذكورة لم يسبق استقبالها بالميناء على الإطلاق و بالتالي لم يكن ميناء دمياط هو ميناء المغادرة للسفينة الغارقة".
ودعت وسائل الإعلام إلى "تحري الدقة والصدق، فيما ينشر من أخبار تخص وزارة النقل والحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية"، وفقها.
ماهي سفينة إكسيلو؟
هي ناقلة نفط وفق مواقع تتبع حركة الملاحة، تعرف باسمXELO ex-LIMAN ، بنيت عام 1977، وتحمل علم غينيا الاستوائية منذ يوليو/تموز 2021، وقبلها كانت ترفع علم الكاميرون وروسيا. تبلغ طاقتها الاستيعابية 1010 طنًا من الحمولة الساكنة.
فتح تحقق وشكوك حول إتلاف وثائق
أكد الناطق الرسمي باسم محكمة قابس، محمد الكراي، لوكالة فرانس برس إن القضاء التونسي فتح تحقيقًا في "حادث غرق السفينة للوقوف على حيثياته والتثبت من طبيعة نشاط السفينة والتعرف على تحركاتها خلال المدة الأخيرة".
وفي تصريح لإذاعة ديوان إف أم، قال الناطق الرسمي إنّه تمت مباشرة الأبحاث مع طاقم السفينة والاستماع إلى أقوالهم، حيث أكدوا أنهم قدموا من مصر في اتجاه مالطا. وأضاف للإذاعة أن "هناك بعض التناقض في تصريحات عدد منهم، مشيرًا الى أن طاقم السفينة أفاد بأن سبب الغرق يكمن في دخول الماء في غرفة المحرك".
وأكد الكراي لوكالة الأنباء التونسية بأن رئيس المحكمة قد اتخذ قرارًا بتحجير السفر على طاقم السفينة إكسيلو. كما أوضح لوسائل إعلام تونسية أن "جميع الاحتمالات واردة بخصوص ما يروّج حول تعمّد إتلاف وثائق السفينة وحقيقة نشاطها، مؤكدًا أن التحقيق والقضاء سيكونان الفيصل للحسم في هذه الحادثة".
من جهته قال ربيع المجيدي وزير النقل لإذاعة موزاييك إف أم، إنّ هناك وثائق اصطحبها طاقم السفينة خلال عملية الإنقاذ. وأشار إلى أنّ السلطة التونسية طلبت بقية الوثائق، لكن أفراد الطاقم أكّد أنّها موجودة في السفينة التي غرقت.
شبهة تهريب؟
مع تواصل الأبحاث في قضية السفينة التي غرقت في خليج قابس، ومحاولات تفادي كارثة بيئية بشفط كميات الوقود منها في حال تسربت، انتشرت أنباء حول شبهة تهريب للنفط من ليبيا عن طريق السفينة، خاصة أنّ الوجهة التي أعلن عنها طاقمها للسلطات التونسية والتي أعلنتها بدورها، لا تتطابق مع إحداثيات حركة الملاحة وتتبع السفن. كما أنّ التصريح بغياب بعض الوثائق وغرقها مع السفينة عزز هذه الشكوك.
آخر المستجدات
أكد عميد بجيش البحر في مؤتمر صحفيي الجمعة 22 إبريل، أن خزانات السفينة الغارقة إكسلو لا تحتوي على أي محروقات بل كانت مملوءة بماء البحر وأن عملية الشفط المبرمجة توقفت في انتظار انتشال السفينة.
وفي منشور لها على موقع فيسبوك، أكدت وزارة البيئة أنّ السفينة الغارقة في خليج قابس لا تحتوي أي غازوال وأنّ خزاناتها فارغة. وأشارت إلى أنّها لا تشكل أي خطر للتلوث حاليًّا.
يُذكر أنّ السلطات التونسية طوّقت مكان الحادثة بالحواجز لمنع أي تسرب من شحنة السفينة، منذ غرقها، وبدأت عملية شفط الوقود الذي تسرب من محركها.
المصادر
اقرأ/ي أيضًا